مــطوع .. ولكن !!
عبد الله بن سعيد آل يعن الله
بعض الناس بطباعهم يحكمون على الآخرين عند حصول الخطأ بحكم عام ينسف الجوانب الإيجابية التي يتميزون بها ، وهذا دليل على وجود قصور في الفهم ، وتطرف في الحكم ، ونظرة مثالية تشوش على التفكير السليم ، ولكي لا أطيل في المقدمة أدخل مباشرة إلى صلب الموضوع وأتمنى أن أكون منصفا في تشخيص هذا الخطأ الشائع الذي اتسم به بعض أفراد المجتمع وهو تضخيم وقوع من يكون مظهره مظهر الاستقامة " المطوع " في الخطأ ..
وهذه بعض الصور التي سمعتها من بعض الكتاب والإعلاميين والعامة من الناس ..
• أب يشنع على ابنه في أحد المجالس بأن استقامته كاذبة بسبب إخفاقه في دراسته الجامعية ..
• مدير مدرسة يذكر بأن نخبة من مدراء المدارس في إحدى الاجتماعات أجمعوا بأن مدرسي التربية الإسلامية هم الأكثر تأخرا في الطابور الصباحي ..
• شباب في إحدى الاستراحات عددوا نماذج من أصحاب اللحى الكثيفة وجدوا بأن منهم من يشرب الدخان ، وآخر من يشاهد الأفلام الخليعة ، وآخر من وجدوه في خلوة غير شرعية وبعد ذلك قالوا كما في لهجتهم العامية ( ما فيه مطوع صادق ) ..
• إحدى النساء ذكرت بأن زوجها كاذب في استقامته وأنه إنسان مخادع وماكر بسبب أنه يؤجل احتياجاتها التي تطلبها من زوجها ..
• بعض من الناس يصفون أهل الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنهم جامدين في أساليب خطابهم بسبب تصرف بعض المجتهدين في كلماتهم وخطبهم ونصحهم .
• كاتب صحفي يعمم الأخطاء على أصحاب اللحى والثياب القصيرة ، بسبب أخطاء صغيرة أو كبيرة تصدر ممن هيئتهم كذلك..
• أحد الإعلاميين يوجه نصحا مباشرا للمستمعين بأن يمنعوا أولادهم من التوجه لحلقات التحفيظ والأندية الصيفية بحجة أنهم يدعون إلى الإرهاب ..
لعل المواقف السلبية التي تحصل ممن مظهرهم لبس الثياب القصيرة واللحى ، غذت بعضها بعضا حتى أفرزت تصورا قاتما متطرفا عند حصول الخطأ ، حتى أدى ذلك إلى المبالغة في التحدث عن أخطاء المستقيمين ..
لا شك بأن التصنيف الدارج بين الناس بمستقيم وغير مستقيم أمر غير صحيح في وجهة نظري ، حتى الكلمات الدارجة بين الناس ب ( مطوع ، صحوي ، متدين ، ملتزم ) غير مقاسه البتة ، ولا يمكن أن نعلق الدين وصفاته على من سموا بهذه التسميات ، وبذلك نحن بحاجة بأن لا نغرق في تصنيف الناس والشباب بمثل هذه التصنيفات ، وحينما يأبى المرء إلا بمثل هذه المسميات فينبغي أن يؤطر نفسه بأن المؤمن بلحية أو بغيرها معرض للخطأ والتقصير ، وأن ننظر له بنظرة موضوعية حال حصول الخطأ بحيث لا نحجب عن عقولنا ما يكنه ويمتاز به المخطئ من صفات إيجابية ..