رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب إلى الشام
رواية 1
لما أراد أبو طالب أن يسافر إلى الشام في تجارة له رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرافقه، فأخذه معه وسنه إذ ذاك اثنتا عشرة سنة ، ولما وصلوا بصرى وهي أول بلاد الشام من جهة بلاد العرب قابلهم بها راهب من رهبان النصارى اسمه (بحيرا) – كان يقيم في صومعة له هناك – فسألهم عن ظهور نبي من العرب في هذا الزمن، ثم لما أمعن النظر في النبي صلى الله عليه وسلم وحادثه عرف أنه النبي العربي الذي بشر به موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، وقال لعمه أنه سيكون لهذا الغلام شأن عظيم، فارجع به واحذر عليه من اليهود ، فلم يمكث أبو طالب في رحلته هذه طويلاً بل عاد به إلى مكة حين فرغ من تجارته، وبقى صلى الله عليه وسلم في مكة مثال الكمال، محفوظاً من معايب أخلاق الجاهلية، شهماً شجاعاً حتى إنه حضر مع أعمامه حرب (الفجار) و (حلف الفضول)، وسنه إذ ذاك عشرون سنة.
أما (الفجار) فهي حرب كانت بين قبيلة كنانة ومعها حليفتها قريش وبين قبيلة قيس، وقد ابتدأت هذه الحرب فيما بين مكة والطائف ووصلت إلى الكعبة، فاستحلت حرمات هذا البيت الذي كان مقدساً عند العرب ولذلك سميت حرب (الفجار).
وأما (حلف الفضول) كان عقب هذه الحرب، وهو تعاقد بطون قريش على أن ينصروا كل من يجدونه مظلوماً بمكة سواء كان من أهلها أو من غير أهلها
رواية 2
خرج محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا، وتحركت القافلة، ومضت في طريقها؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها (بصرى) وأثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب اسمه (بُحَيْرَى) فلما رأى القافلة خرج إليها، ودقق النظر في وجه محمد صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال لأبي طالب: ما قرابة هذا الغلام منك؟ فقال أبوطالب: هو ابني -وكان يدعوه بابنه حبًّا له- قال بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي أن يكون هذا الغلام أبوه حيًّا، قال أبو طالب: هو ابن أخي، فسأله بحيرى: فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب: مات وأمه حبلى به؟ فقال له بحيرى: صدقت! فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود!! فوالله لئن رأوه هنا ليوقعون به شرًّا، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة وفي صحبته ابن أخيه محمد.