بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام :
سورة اليوم هي سورة الزلزلة وقد قال عليه الصلاة والسلام بحقها إنها نصف القرآن وسورة الإخلاص ثلث القرآن فما هي هذه السورة التي وصفها النبي عليه الصلاة والسلام بأنها نصف القرآن والحقيقة أن هذه السورة تحدد مبدأ المسؤولية ، العقائد إذا زاغت وانحرفت وتاهت وشردت تخفف من مسؤولية الإنسان وإذا صحت تحدد مسؤوليته وتضعه أمام واجباته؛ فكل فرقة وكل دين قد سبق حينما ينحرف الناس يتعلقون بعقائد زائغة قال تعالى :
وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون
(سورة البقرة : آية 80)
هذه عقيدة اليهود الزائغة قال تعالى :
وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير
(سورة المائدة : آية 18)
والنصارى قالوا آمن بالمسيح تنجو من عذاب النار والمسلمون في عصورهم المتخلفة اعتقدوا بهذه العقائد وظنوا أنهم من أمة سيدنا محمد فالجنة مصيرهم الشعوب والأمم وأصحاب النحل إذا امتد بهم العمر وانحرفوا وزاغت عقائدهم يخففون من مسؤولياتهم ويعزون المسؤولية إلى جهة أخرى لكن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يحدد مسؤولية الإنسان.
لذلك أحد الأعراب جاء النبي عليه الصلاة والسلام وقال له : يا رسول الله عظني وأوجز فقال له : قل آمنت بالله ثم استقم فقال : أريد أخف من ذلك قال : إذاً فاستعد للبلاء.
لذلك إما أن تستقم وإما أن تستعد للبلاء ؛ لا يوجد حل ثالث إله عادل وجاءه أعرابي آخر فقال يا رسول الله عظني وأوجز فقال له : من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ؛ فقال هذا الأعرابي لقد كفيت ؛ فقال عليه الصلاة والسلام : فقه الرجل .
والله الذي لا إله إلا هو لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه السورة تكفي خالق الكون ؛ الله رب العالمين يقول لك يا عبدي فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره؛ اعمل ما شئت لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
عش ماشئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارق واعمل ماشئت .
سيدنا علي كرم الله وجهه يقول والله ما أحسنت وما أسأت ؛ كيف ما أحسنت إلى أحد وكيف لم تسئ إلى أحد ؟
قال فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلأنفسهم يمهدون .
إن فعلت خيراً فهو لك وإن فعلت شراً فهو عليك قال تعالى :
لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت